غضب لحرمة الله
د: أكرم كساب
جاء في وصف هند بن أبي هالــة التميمي للنبي صلى الله عليه وسلم أنه كان (عرِق يدره الغضب) رواه الطبراني في الكبير.
ولما كان الحلم صفة محبوبة وخلقا حميدا، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح أن الله يحب هذا الخلق، وقد حضّ النبي صلى الله عليه وسلم عليه ورغب فيه، وكان ذلك طوراً بالكلام؛ وطوراً بالفعل والتنفيذ، فتراه يقول صلى الله عليه وسلم:” ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب”. متفق عليه.
ولكن الحلم ليس محمودا مطلقا، وإنما يحمد في مواضع، ويذم في مواضع. والمرء إذا استغضب بما يغضب الله عز وجل ورسوله وجب عليه الغضب، وقد قال الشافعي: من استغضب فلم يغضب فهو حمار.
وهذا ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي وصف عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم قالت:” ما انتقم رسول الله لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله، فينتقم لله تعالى” متفق عليه..
ومن ثم فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يغضب حتى يصير وجهه كحب الرمان حمرة وغضباً إذا استعدي على حقوق الله، أو انتهكت حرمات الله.
وفي الصحيحين عن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان؛ مما يطيل بنا، فما رأيت النبي غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ، فقال:”يا أيها الناس إن منكم منفرين؛ فأيكم أم بالناس فليوجز، فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة”.
وحين قدم صلى الله عليه وسلم على عائشة من سفر وقد سترت سهوةً لها بقرام فيه تماثيل هتكه وتلون وجهه ثم قال: يا عائشة أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون خلق الله”. متفق عليه.
ويدخل يوماً صلى الله عليه وسلم المسجد فيرى نخامة في القبلة فيشق ذلك عليه حتى رؤي في وجهه، ثم قام فحك النخامة بيده. متفق عليه.
وحين علم النبي صلى الله عليه وسلم من عمه العباس بن عبد المطلب أن قريشا إذا لقي بعضهم بعضا لقوهم ببشر حسن، وإذا لقوا بني عبد المطلب لقوهم بوجوه لا يعرفونها، غضب النبي غضبا شديدا وقال:” والذي نفسي بيده لا يدخل قلب الرجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله”.
ولما اجترئ أسامة بن زيد وكلم الرسول متشفعاً في المرأة المخزومية التي سرقت غصب على أسامة وقال: أتشفع في حد من حدود الله تعالى “. متفق عليه.
ويظهر غضبه واضحاً جلياً حين يتطاول أبو ذر على أخيه بلال قائلاً له: يا ابن السوداء فيغضب النبي صلى الله عليه وسلم ويقول له:” أساببت فلانا؟”. قلت: نعم. قال:” أفنلت من أمه؟” قلت: نعم. قال:” إنك امرؤ فيك جاهلية “.
وهذا هو دور كل مسلم أن يكون غضبه لله، وأن يظهر هذا الغضب إذا انتهكت حرمات الله، أو نال أحد من مقدسات الإسلام، أو بني الإسلام… وما أكثر ذلك الآن.