حكم التهنئة برمضان

جمهور العلماء على أن التهنئة بقدوم رمضان سنة مشروعة، ولا يمنع الناس منها، ويؤكد هذا أن الأصل في العادات الإباحة، ولا يحرم منها إلا ما نهى عنه الشرع، أو تحققت بفعله مفسدة، وأدلة الجواز:

  1. أن التهنئة لا تدخل في العبادات وإنما هي من العادات التي تعارف عليها الناس، وهذا باب واسع، قال السعدي في معرض حديثه عن التهاني: هذه المسائل وما أشبهها مبنية على أصل عظيم نافع؛ وهو أن الأصل في جميع العادات القولية والفعلية الإباحة والجواز، فلا يحرم منها ولا يكره إلا ما نهى عنه الشارع أو تضمن مفسدة شرعية… (المجموعة الكاملة لمؤلفاته/ ص 348).
  2. هذه التهنئة لها أصل فيما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما رواه أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ: ” قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ  شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ ” (قال محققو المسند: صحيح). قال الحافظ ابن رجب: قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشياطين…  (لطائف المعارف (ص: 148).
  3. مشروعية التهنئة عند حدوث نعمة ودفع نقمة، يقول ابن القيم في قصة كعب بن مالك: وفيه دليل على استحباب تهنئة من تجددت له نعمة دينية.. (زاد المعاد (3/ 512). وقال الرملي فيما نقله عن ابن حجر: ويحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة، أو يندفع من نقمة بمشروعية سجود الشكر والتعزية، وبما في الصحيحين عن كعب بن مالك في قصة توبته أنه لما بشر بقبول توبته ومضى إلى النبي صلى الله عليه وسلم  قام إليه طلحة بن عبيد الله فهنأه».. (نهاية المحتاج (2/ 402).
  4. مشروعية الفرح على كل خير وفضل ورحمة، والله يقول: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58]، وإذا جاز الفرح جازت التهنئة.

وعليه فإن الأمر واسع، والتهنئة مشروعة، وكل عام وأنتم بخير، وجعله الله شهر خير وبركة وفتح ونصر وعتق من النيران…

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*