- السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل يجوز تخصيص ليلة (رأس السنة الميلادية) بعبادة، وذلك أن بعض الشباب يريدون أن يجتمعوا في أحد المساجد لفعل هذا؟ أفيدونا مشكورين!!!
ملخص الفتوى:
أما تخصيص ليلة (رأس السنة الميلادية) بعبادة فهو أمر منهي عنه ولا يجوز ذلك لا بقيام ولا صيام، لعدم وجود دليل على ذلك، كما أنه جاء النهي عن صيام يوم السبت لأنه مقدس عن اليهود. لكن إن كان في جمع الشباب في أحد المساجد بعدا عن المعاصي والمنكرات التي تحدث في هذا اليوم فلا مانع، على أن يتم التنويه على ذلك..
الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين؛
أما بعد؛
أما تخصيص ليلة (رأس السنة الميلادية) بعبادة فهو أمر منهي عنه ولا يجوز ذلك لا بقيام ولا صيام، وذلك للأدلة التالية:
- أن ذلك لم يرد به أمر، وتخصيص الزمان أو المكان بعبادة ما يحتاج إلى دليل من كتاب أو سنة.
- إذا لم يقم الجواز على تخصيص (رأس السنة الهجرية) بعبادة فلا يجوز تخصيص (رأس السنة الميلادية) بعبادة من باب أولى.
- ما جاء من النهي عن صوم يوم السبت، روى أحمد عنْ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ بُسْرٍ الْمَازِنِيَّ، يَقُولُ: تَرَوْنَ يَدِي هَذِهِ؟ فَأَنَا بَايَعْتُ بِهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ” (قال محققو المسند: رجاله ثقات إلا أنه أُعِل بالاضطراب والمعارضة )، فإذا كان النهي قد جاء عن تخصيص يوم السبت بصيام فإن تخصيص أيام أعيادهم بصوم لا يجوز من باب أولى.
- ماذا لو كان في الجمع على عبادة صرف عن المعصية؟
وقد يقول البعض أننا قد نجمع الشباب في هذه الليلة على لهو مباح ويتضمنه قيام ليل أو قراءة بعض سور وآيات من القرآن، وهذا قد يصون الشباب من الذهاب إلى أماكن المنكرات وما أكثرها وأسهلها، أفلا يشفع ذلك لمثل هذه التجمع؟
أقول: الأصل هو المنع من تلك العبادات التي تكون على الصورة السابقة (تخصيص زمان بعبادة معينة)، لكن ينظر إلى كل بيئة بحسب ما فيها من طاعة أو معصية، تقل أو تكثر، فإن كانت الطاعة بارزة، والسنة حاضرة، والمجتمع ديّن؛ فلا يجوز تخصيص هذه الأوقات بعبادة كصيام أو قيام.
وأما إذا كانت الطاعة نادرة، والسنة غائبة، والمجتمع تعج به المعاصي من كل جانب؛ وكانت مثل هذه العبادات تبعد الناس شيبا وشبانا عن المعاصي وأماكنها فلا مانع من ذلك، على ألا تكون عادة يدوم فعلها ويواظب عليها، ويستأنس لذلك بما قاله ابن تيمية: فتعظيم المولد، واتخاذه موسمًا، قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما قدمته لك أنه يحسن من بعض الناس، ما يستقبح من المؤمن المسدد. ولهذا قيل للإمام أحمد عن بعض الأمراء: إنه أنفق على مصحف ألف دينار، أو نحو ذلك فقال: دعهم، فهذا أفضل ما أنفقوا فيه الذهب، أو كما قال. مع أن مذهبه أن زخرفة المصاحف مكروهة.. (اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (2/ 126).)
كما يستأنس لذلك بعموم ما جاء في صحيح مسلم عن مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، رَدَّهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ».
هذا والله تعالى أعلم،
الفقير إلى عفو ربه
أكرم كساب