(36) متى يكون إقراض الناس واجبا؟

  1. السؤال: السلام عليكم ورحمة، سمعت من يقول بأنه إذا جاءك إنسان يطلب قرضا وأنت عندك، وفي غنى عن هذا المال فقد أصبح القرض واجبا عليك!! هل فعلا القرض يكون واجبا أم أنه أمر مباح ومشروع؟ وهل يصير واجبا في بعض الأوقات!!!

ملخص الفتوى:

الأصل أن الإقراض مشروع وأن حكمه لا يرقى إلى الوجوب، وإنما هو مندوب، ولكنه قد يكون واجبا، وذلك إذا كان المقرض غنيا قادرا، ولا يؤثر القرض عليه كما يشترط أن يكون  المقترض مضطرا، وألا تندفع هذه الضرورة إلا بهذا القرض، وألا يكون معروفا بالمماطلة.

.

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين؛

أما بعد؛

فقد ذكرت في فتوى سابقة فضل القرض، ومما ذكرته أن الشريعة الإسلامية جاءت بمبدأ التكافل، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ”، وروى أحمد عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا كَانَ لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ، وَمَنْ أَنْظَرَهُ بَعْدَ حِلِّهِ كَانَ لَهُ مِثْلُهُ، فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ» (قال محققو المسند: حديث صحيح، وصححه الألباني).

والعلماء على أن القرض مشروع، قال الشوكاني: ولا خلاف بين المسلمين في مشروعيته… (نيل الأوطار (5/ 272). والأصل في حكم القرض أنه مندوب، قال ابن قدامة: والقرض مندوب إليه في حق المقرض، مباح للمقترض… المغني لابن قدامة (4/ 236).

متى يكون القرض واجبا؟

وأرى أن القرض قد يكون واجبا، ومعنى ذلك أنه يتحول من الندب إلى الوجوب، وقد جاء في (الموسوعة الفقهية): وعلى ذلك: فإن كان المقترض مضطرا والمقرض مليئا كان إقراضه واجبا… (الموسوعة الفقهية الكويتية (33/ 113).

ولكن ذلك يكون بشروط:

  • أن يكون المقرض غنيا قادرا، لديه ما يكفيه ومن يعول.
  • ألا يؤثر هذا القرض عليه في حياته عاجلا أو آجلا.
  • أن يكون المقترض مضطرا ضرورة حقيقية، وأنه بدون القرض سيهلك أو يموت هو أو من يعول.
  • ألا تندفع هذه الضرورة إلا بهذا القرض، فإن وجد طريق غيره فلا يجب القرض.
  • ألا يكون المقترض ممن عرف بالمماطلة أو اعتياد هذا الفعل.

فإن توفرت هذه الشروط كان الإقراض واجبا عليك

هذا والله تعالى أعلم

الفقير إلى عفو ربه

أكرم كساب

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*